مفهوم القراءة المنهجية
اننا نسعى من خلال منهجية العمل الجامعي الى اكساب الطالب الكفايات المنهجية والتنظيمية التي تؤهله لقراءة النصوص ومحاورتها وخلق العلاقات التفاعلية معها والادوات الملائمة لضبط العمليات العقلية.وبذلك يستطيع تحقيق نوع من الاستقلالية ، فلا يكتفي بالمعارف الجاهزة الواردة في تلخيصات المحاضرات او المطبوعات او الكتب الصادرة من طرف السادة الاساتذة باعتبارها تستجيب لما يطلب منه في التقويم/ الامتحان.
و ان المهتمين بحقل القراءة في الوسط الطلابي يجمعون على وجود صعوبات كبيرة في تلقي النصوص بسبب تواضع قدرات الطالب على الطرح الجيد للاسئلة و الدخول في حوار مع تلك النصوص يمكن من كشف عوالمها الدلالية من جهة و كشف ما لا تقوله بشكل صريح من جهة اخرى.
فالعادات القرائية التي تكرسها الممارسات الواقعية لفعل القراءة بالكليات تعيق تحقيق الاهداف المنشودة لكونها :
- تزاوج بين العادات القرائية السطرية التي ترصد محتويات قائمة في تركيبة النص و القراءة الانطباعية التي تقوم برصد المحتويات و اصدار الاحكام
- تكشف عن مظاهر جزئية مفصولة عن وقعها الدلالي
- تحلق فوق النص لترصد بعض محتوياته.
- تهمش نظام العلاقات بين العلامات لتمارس اسقاطات و احكاما مسبقة على النص و المؤلف المجتمع
- تعامل النص على انه وثيقة لإثبات قضية شخصية او اجتماعية.
- تغيب التواصل مع النص تساؤلا و اجابة و فهما و تأويلا
- لا تنتج معنى و لا أثرا مكتوبا( الكتابة بعد القراءة).
فعدم تحقيق القراءة لما هو مطلوب منها يؤكد عدم تبني القارئ لمنهجية القراءة التي يستطيع من خلالها بناء المعنى و اثبات فاعليته و انجاز عمليات عقلية و توظيف مفاهيم اجرائية .
و الحديث عن منهجية القراءة يقودنا بالضرورة الى الحديث عن منهجية الكتابة و خاصة الجامعية منها. فالطالب الذي لا يستطيع تمثل اليات اشتغال النصوص وكيفية بنائها يصعب عليه توظيف تقنياتها وادواتها واليات بنائها في حقل الكتابة. والقارئ صنو الكاتب اذ عليه ان يفعل في تأويل المكتوب ما فعله الكاتب في تكوينه. وهكذا فالطالب الايجابي مقيد طبعا بشروط ثقافية ومعرفية تسمح له بتحريك اليات المقروء وانتاجه من جديد. وبذلك يمكن القول بأن عملية القراءة تفترض عملية الكتابة كتلازم جدلي.
بناء على هذا الوضع المقلق الذي يطيع عمليتي القراءة و الكتابة. تـأتي محاولتنا هذه لإغناء مكتسبات الطلبة حول منهجية قراءة النص عامة والنص القانوني خاصة حرصين على المزاوجة بين الاطار النظري و التطبيقي. حتى يتجنبوا متاهات القراءتين السطرية والانطباعية. و نطمح أيضا الى اكسابهم القدرة على أن يكتبوا بالاعتماد على معطيات القراءة المنهجية مواضيع خاضعة لتصميم منهجي و متسمة بالانسجام و الاتساق .
فما أهمية القراءة امة ، وما أهدافها؟ وما المقصود بالقراءة المنهجية؟ وما مستوياتها ؟ وما المنهجية المعتمدة في الكتابة ؟
1-أهمية القراءة وأهدافها العامة
تعتبر القراءة البوصلة التي تقود الى الفكر الانساني والى كل أنواع المعرفة المختلفة . فهي تخلد الفكر وتحافظ عليه حيا يتطور وينمو عبر التاريخ وتساعد على تحصيل العلم ونقل التراث الى الاجيال اللاحقة حفاظا على هويات الشعوب والأمم من جهة وتحديثا لهذا التراث من جهة اخرى .2
ومما يؤكد أهمية القراءة ان الرسالة الاسلامية انطلقت من القراءة وحثت عليها لنشر العلم والمعرفة ثم الهداية الربانية . والله سبحانه وتعالى خاطب بها نبيه الكريم منذ الوهلة الاولى للتنزيل :"اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الانسان من علق"3. وأكد سبحانه وتعالى على أداة القراءة والكتابة قائلا " اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم" 4 وأقسم جل جلاله بالقلم في قوله "والقلم وما يسطرون".5
وتتجلى اهميتها في كونها جزء لا يتجزأ من الكيان الانساني المعاصر، فهي تضفي عليه قيمة وجودية لا متناهية فضلا عن كونها ضرورة حياتية تجعل فاقدها قريبا من العدم . لذلك قال سارتر " لقد بدأت حياتي كما انني سأنهيها وسط الكنب ففي البدء كانت الكلمة وبالكلمة واصل الانسان مشروعه الحضاري. وقد حظي تعليمها بعناية علماء التربية والنفس واللسانيين ورجال الدين وغيرهم ممن يدركون ابعادها ويتفهمون ايجابياتها ويقدرون آثارها الحميدة على الانسانية كافة.6
والقراءة في بعدها العام هي نشاط فكري يكسب ممارسه :
- الرغبة في الاهتمام بالعلوم والنظريات المختلفة.
- توسيع مداركه والالمام بمشاكل عصره ومجتمعه ، مما يؤهله للتعرف على ثقافته وتراثه ودينه
- القدرة على تاسيس مرجعية فكرية ونشر المعرفة وانتاجها.
- تحصين الذات من التبعية او الانحراف الفكري
- القدرة على الاستمتاع بالمقروء.
- تكوينا في اللغة والاسلوب والمنهج
- القدرة على التحليل والكتابة القائمة على التسلسل المنطقي للأفكار والاستدلال .
- ارتقاء في السلوك والفهم والادراك ، مما يؤديمن الانحراف الفكري الى عمق التفكير والقدرة على الابداع
2-مفهوم القراءة المنهجية :
لقد خضع مفهوم القراءة على المستوى الاصطلاحي لعدد غير محصور من التعاريف تبعا لاختلاف الدارسين و النظريات و المرجعيات الثقافية و المنهجية ، لكنها تتقاطع في كونها نشاطا يحقق الوجود الفعلي للقارئ. اذ ينتقل به من موجود مستهلك الى آخر منتج فعال يساهم الى حد ما في اقامة معرفة صحيحة 7. ومعنى هذا ان القراءة قدرة و ممارسة وتفاعل و انقتاح، تتطلب من القارئ امتلاك الآليات المعرفية والمنهجية ، ضمانا لفهم موضوعي للاثر المكتوب و تجنبا للانزلاق الى متاهات الاسقاط و الادعاء.
إن القراءة المنهجية هي نشاط ديداكتيكي يستدعي بناء معنى النص في سياق تواصلي قائم على توظيف عمليات ذهنية حدسية لوضع عمليات قرائية ولالتقاط العناصر النصية، ولخلق تعالق مبنين بين هذه المؤشرات ، بغرض تمحيص الفرضيات المنطلق منها . ويأخذ هدا النشاط شكل تفاعل بين متلق يتوفر على كفايات خاصة (موسوعية، لسانية، تداولية) وموضوع اشتغال دال، يمثله الأثر المادي المكتوب(8).
نستنتج من خلال هدا التعريف أن القراءة المنهجية باعتبارها خطة لتحليل النصوص تستهدف بناء معني النص من طرف القارئ الذي يتوفر ضرورة على كفايات خاصة, وتبعا لهدا فالقراءة المنهجية تقوم على ثلاثة عناصر متداخلة هي القارئ ، النص والكفايات.
وبناء عل هدا ، فإن القراءة، باعتبارها تفاعلا بين المتلقي والنص تقوم ببناء المعنى وتحيين الخطاب وإنتاج المعرفة . إنها بمعنى ما ، تنطلق من ملاحظة النص وتبرمج ردود فعل القارئ وتحصن نفسها من القراءة التلقائية ، فهي تقود إلى:
- قراءة معقلنة تحفز القارئ على صياغة فرضيات
- ملاحظة دقيقة تكشف عن توعية النص ، وتدفع بالقارئ إلى اختيار المقاربة التي تستجيب لطبيعة النص وخصوصيته.
- فحص النص بشكل دقيق في إطار الكشف عن موضوعاته ودلالاته.
- مساءلة النص وبياناته انطلاقا من الموسوعة المعرفية والمنهجية للقارئ.
- الانتقال بالقراءة من مستواها المدرسي إلى القراءة العالمة للطالب القارئ.
- تجنب الإسقاطات التي لا حد لها ، وتفتح النص على الخارج.
- هدم الاعتقاد في المعنى الواحد ، ودلك باعتماد التأويل والأشكال الحجاجية المختلفة.
- بناء معنى لا يمكن العودة به إلى النص فقط, أو إلى القارئ وحده, بل يكون نتاج التفاعل بينهما9. وقد أشار "إيزر" في هذا الإطار إلى أن القراءة هي تلك التي لا تنظر إلى التواصل على أنه علاقة ذات اتجاه واحد ، من النص إلى القارئ ، بل تنظر إليه في اتجاهين متبادلين من النص إلى القارئ ومن القارئ إلى النص في إطار علاقة تفاعلية.
إن القراءة بالمعاني التي أوردناها تساعد القارئ على صقل الكثير من المهارات مثل الفهم ، التحليل ، المناقشة ، التركيب ، التعليق ، تدوين المعلومات وتنظيمها وإنتاج الخطاب.... إلا أن النص الذي يقع عليه فعل القراءة لا يوجد إلا بوجودها ، فإنه " من العسير جدا أن نتحدث عن النص خارج القراءة التي هي من نتائجه 11. فالنص باعتباره آلة كسولة ونسيجا من البياضات والفراغات يترك المجال لتدخل القارئ النموذجي الذي يفعل في التوليد مثلما فعل الكاتب في البناء والتكوين, ويكون قادرا على تحيين النص بالطريقة التي كان يفكر بها الكاتب"12.
إن القراءة المنهجية تراهن على تبني الدقة في التعامل مع النصوص ، وتقترح تحليل النصوص انطلاقا من النص ومن المعرفة القبلية للقارئ، في تغييب تام لما قيل عنه (النص) أو عن كاتبه.
ومن العناصر التي تستبعدها القراءة المنهجية :
- المسارات الخطية باعتبارها ثرثرة على هامش النص.
- الترديد.
- نسبة مقاصد قبلية للكاتب سابقة على التحليل.
- اصدار أحكام القيمة على النص أو الكاتب .
والواقع أن هناك عمليات عديدة يقوم بها القارئ خلال القراءة ، لدلك يتعين عليه أن ينشئ أو ينتج أو يولد أو يبني أو يقيم المعنى في النص بناء على المعرفة والخبرة السابقة المختزنة لديه.
وتأسيسا على ما سبق فإن القراءة المنهجية تعتمد:
- الملاحظة الموضوعية الدقيقة والمميزة للأشكال أو لنظام الأشكال.
- تحليل نظام هده الأشكال وإدراك مظاهر ديناميتها وتفاعلها داخل النص.
- الاستكشاف الحذر للمسكوت عنه داخل النص دون تقول.
- البناء التدريجي لدلالة النص انطلاقا من فرضيات قرائية يتم فحص صدقيها بدقة.
- استخلاص مظاهر اللإنسجام التي تضمن النص وحدة أجزائه وترابط عناصره14 .
وسيتضح هذا أكثر من خلال عرض مستويات القراءة المنهجية.
3-مستويات القراءة المنهجية :
3-1- مستوى الاستكشاف( القراءة الاستكشافية )
يسمي البعض هذه القراءة بالقراءة ما قبل المتهجية ، لأنها عبارة عن مجموعة من الانطباعات الذهنية التي تمثل الحالة الآنية للنص المكتوب .
وتعد القراءة الاستكشافية الخطوة الأولى التي تجعل القارئ يستأنس بالنص ويستبق معناه. وهي تتم من خلال :
3-1--1 الملاحظة : أي مساءلة العناصر النصية وغير النصية التي يمكن ان تساهم في صياغة الفرضيات . ومن بين هذه العناصر :
* الكاتب : فالإشارة إليه قد تساعد في فهم جزء من النص وخاصة حين استحضار العناصر الاجتماعية والسياسية والثقافية التي مارست تأثيرها على الكاتب والظروف التي أنتج فيها النص.
* عنوان النص :قد يمكن من تقديم معطيات عن موضوع النص وأطروحة الكاتب
* نوع النص : يحدد الأدوات التي يمكن الاشتغال بها على النص .
* مصدر النص ( كتاب – مجلة – جريدة ...)
* فحص المظهر العام للنص :
- استكشاف معمارية النص
- استكشاف الألفاظ المفاتيح
- فحص طول الفقرات
- أدوات الترقيم : وهي تساعد على معرفة نبرة الكاتب ( استفهام – تعجب – نقطتا التفسير –النقطة الفاصلة – العارضة ...).15
* قراءة بداية ونهاية النص : يمكن أن تساعد البداية على التعرف على إشكال النص وتصميمه ، والنهاية يمكن إتاحة التعرف على الخلاصات والحلول.وبناء عليه يمكن اعتبار البداية والنهاية "عناصر تتموقع في نقط إستراتيجية تفصل بينها مسافة قد تطول وقد تقصر ، لذا فان قراءتها لا تأتي بخلاصات تأويلية ، وإنما تسمح بصياغة فرضيات لأفق الانتظار".16
*استكشاف بدية الفقرات ونهايتها : وهذه العملية تتيح التعرف على ما اذا كانت الفقرة تشكل وحدة دلالية ومنطقية أو أنها تشكل حلقة ضمن وحدات كبرى.
*حضور أو غياب الأمثلة والاستشهادات
3 -1-2- صياغة الفرضيات17 : وهذا يعني أن القارئ من خلال المؤشرات * يقوم بصياغة فرضيات تتيح الاستباق حول المعنى المستشرف بعد تمحيصه عبر قراءة معينة.
وهكذا يمكن القول بان العناصر الخارجية والداخلية تفضي إلى بناء مؤشرات توجه تخمينات وتوقعات القارئ.
3-2- مستوى التحليل ( القراءة التحليلية )
ان النص في تحليله يخضع عادة لمقاربات تتعدد وتختلف بحسب تعدد واختلاف الخلفيات الفكرية و العلمية التي تحكم انتاجه. وما نقدمه هنا ما هوالا محاولة قابلة للإضافة والتعديل ؛ ما دامت الغاية ، هي مد الطالب بجملة من المعطيات المنهجية الكفيلة بحفزه على البحث و إعمال الجهد الذاتي و التعامل المرن مع الأفكار.
ان مقاربة النص من هذه الناحية تجعله يخضع لقراءة واعية متأنية تلتمس المعاني من خلال الألفاظ والعبارات والتراكيب وتدير الحركة الجزئية في النص في علاقتها بالحركة الكلية. والقارئ بعد ضبط البنية الشكلية الخارجية للغة النص المكتوب وضبط العلاقات الخارجية ينتقل إلى تحري شبكة الرموز والعلاقات الداخلية . وهكذا يتولى الكشف عن الأبعاد العميقة بالاعتماد على ما تم ضبطه قبل في القراءة الاستكشافية .
فالتحليل بهذا المعنى هو دراسة تساعد القارئ على كشف خبايا النص والوقوف على جزئياته وتحديد أبعاده.انه ليس فقط نتاج تفكيك الخصائص الموضوعية الملاحظة في النص والسياق ، وإنما هو أيضا بناء ذهني للخصائص التي تمنحها الذات إليها ، ذلك أن الكاتب يعتمد على نص القارئ فيما لا يفصح عنه بوضوح ، بل يعهد إلى قارئه بملء البياضات والفراغات.18 فالنص في القراءة التحليلية يحتاج من القارئ أن يتعاون لملء فضاءات المسكوت عنه.
وإذا كانت القراءة الأولى خطية وانتقائية وذاهبة قدما في اتجاه الأمام،وتأسس على ضوئها تحديد المعنى العام او المفهوم المركزي وبناء الفرضيات . فإن القراءة التحليلية هي بالضرورة قراءة ثانية أو قراءة تأملية.
والتحليل هوا كتشاف ثان للنص واستنطاق له لضبط المعاني الكامنة فيه. وهذا الاكتشاف يتم من خلال شرح الكلمات او المفاهيم وبناء هيكلة خاصة للنص بإبراز مكوناته الأساسية و ترتيبها ( تحديد الفكرة المركزية / الاطروحة/الموقف الذي بدافع عنه صاحب النص- تحديد الوحدات الفكرية او عناصر الاطروحةحسب تسلسلها في النص.)وبعد ذلك تاتي عملية التفسير لكل مكون على حدة دون ان يسقط المحلل في متاهة اجترار مضامين النص.فالتفسير هنا هو محاولة لإعادة إنتاج مفصلة للنص عن طريق المجهود الذاتي للطالب في تمثل محتوياته . وفي نفس السياق يمكن ان تتخذ عملية التفسير طابع محاورة النص من داخله أي الانسياق في نفس توجهه سعيا وراء تبسيط معطياته .وبموازاة مع ذلك يتم التمييز بين الحقيقة وراي الكاتب وادراك اغراضه واهدافه ثم رصد الاستشهادات وتحديد توعها وغاياتها ...
3-3- مستوى المناقشة
لا شك ان القراءة التحليلية فتحت المجال للمناقشة لاغناء التص المقروء بشكل اعمق. وهذا يقتضي من الطالب العودة إلى مكونات النص و فحصها لبيان أن الواقع المعيش بمختلف مجالاته ، يؤكد صحتها أو عدمها كلا أو بعضا. و هنا يلزم الإتيان ببراهين و أمثلة تؤكد ذلك ، مستقاة من الواقع او القانون او التصريحات او... وفي هذا الاطار يناقش القارئ افكار الكاتب من حيث الموضوع المطروح ومن حيث المنهج الذ ي تبناه، لمعرفة ما اذا كان ملائما لمعالجة المشكلة ام لا ، وبيان موقفه من اطروحة الكاتب ومقابلة أفكار النص بأفكار نصوص أخرى تندرج في نفس توجهه.ففي بعض الاحيان تكون المصداقية الواقعية لبعض أفكار النص جزئية لحاجتها إلى تعديل نسبي، وهذا ما تكشف عنه المناقشة وتعالجه. ثم يفتح النص على سياقات خارجية تاريخية او اجتماعية او سياسية او دينيةاو....وينبغي ان يتحري القارئ الموضوعية في اصدار الاحكام المختلفة ويدعمها بالحجج. سواء كانت لنفس الكاتب أو لمن يتفق معه من الكتاب الآخرين ، و ذلك إمعانا في فهم أبعاد توجهه .
والطالب القارئ لا ينبغي ان يتناول بالنقاش كل العناصر خصوصا و أن محاولة الدخول في جميع تفاصيل النص قد توقعه في الإطناب .
3-4- مستوى التركيب والتقوبم
يقوم القارئ في هذا المستوى بتركيب مختزل لما سبق تناوله وتصحيح الافتراض واصدار احكام نقدية شخصبة ازاء المقروء.
وهكذا نستنتج ان القراءة المنهجية هي عملية إكتشاف واستنطاق ، تحليل وتفكيك ، مناقشة وتاويل ، أو بعبارة أخرى هي دورة معرفية متكاملة تمثل مجموعة سيرورات واستحالات لتؤدي إلى إنتاج نص جديد يمكن تسميته بنص القراءة .
4- منهجية انتاج نص / الكتابة
بعد تجميع المعطيات يصل الطالب الى مرحلة الانتاج في صيغته وحلته النهائية,
، فلا قيمة لانجازه القرائي اذا لم يتوج بكتابة في الموضوع ، فيكون بذلك قد بنى نصا على نص.وهذا يقتضي الالتزام بالخطوات المنهجية التالية:
*المقدمة :
وتتضمن تاطيرا مختزلا عاما للموضوع ( سياقه ، انتماؤه ، المفهوم المركزي ) وطرحا للقضية/ الإشكالية في مجملها ، في صيغة تساؤلية أو تقريرية .
* العرض:
يعتبر العرض بمثابة العنصر الرئيسي في مقاربة الموضوع، ذلك أنه يشمل عنصري التحليل والمناقشة ، ومن خلالهما يجيب الطالب القارئ المنتج على مختلف التساؤلات التي طرحها في المقدمة.
يشترط التعمق في فهم الموضوع ، إغناء مضامينه وهيكلة النص بإبرازمكوناته الأساسية وتمفصلاته و ترتيبها والاحكام النقدية التي تقوم على اسس موضوعية
* الخاتمة:
هي عبارة عن خلاصة او استناج وتقويم من طرف القارئ. ويمكن فتح الموضوع على آفاق جديدة من خلال سؤال تنتهي به .
يشترط في الطالب المنتج للنص الجديد ان تتوفر لديه مؤهلات وامكانيات معرفية ،لغوية اسلوبية ، تركيبية ومنهجية.ولافادة الطالب في مجال البناء والربط بين العبارات والجمل والفقرات خلال عملية الانتاج، نضع رهن اشارته هذه اللائحة من الروابط اللفظية مصنفة بحسب طبيعتها:
السببية : لأن ، بسبب، ما دام، وذلك لأن، لهذا، لذا، نتيجة، يترتب عن ذلك، لهذا السبب...
اللزوم و التبعية و الاستنتاج : من ثم، بناء على، آنذاك ،حينئذ، عندئذ، لهذا، بالفعل...
التعارض و الاضراب : و في بداية الامر، ثم أيضا، أولا، ثانيا، ... زد على ذلك، بعد ذلك، من جهة، من جهة اخرى، فيما بعد، في الوقت نفسه، حينئذ، عندئد، اضافة، هذا لا يمنع من، ليس فقط... و انما، كذلك...
المقارنة: اكثر، اقل، أولى، اجدر، احرى، اكبر، اضعف، اقوى، بنفس الكيفية، موازاة لـ...، مثل، كاف التشبيه، مماثلا لـ...
الختم : اذن، بإيجاز، باختصار، في النهاية، أخيرا، ختاما...
التصحيح و التدقيق : في الواقع، أي، أو، بدقة، يقينا، الصحيحان، الاصح، الثابث علميا أن...
الانتقال : بعدما سطرنا...لننتقل الى، بعد ان تناولنا... نتطرق الان، بعد ان خلصنا الى... لنبحث في،...19
الاضافة و الترتيب : ذلك، رغم ذلك، ورغم أن، و الحال ان ضد، من جهة اخرى، في حين ان، مع ان، غير ان، بيد أن، صحيح أن...لكن، خلافا لذلك...
الافتراض : نفترض، يمكن ان نعتقد، يمكن ان نصوغ فرضية، نخمن، نشأ، نتوقع في حالة اذا..فان، اذا قبلنا...فإن، و لكي...فان.
التفسير و التوضيح : نقطتا التفسير، أي، بعبارة اخرى، بمعتى اخر، خصوصا، و لا سيما، خاصة، مثلا، نذكر، نذكر على سبيل المثال، بهذا السدد...1
الهوامش:
1 -القراءة المنهجية للنص الادبي- البشير اليعكوبي ص 14
2-ديداكتيك تدريس القراءة", لجنة من المؤلفين –سلسلة التكوين التربوي ع12 ص6
3-4-سورة العلق الآيات 1-5
5- سورة القلم الآية 1
6- ديداكتيك تدريس القراءة مرجع سابق ص6
7- منهجية تدريس القراءة, محمد بوجة ص9, نقلا عن "ديداكتيك تدريس القراءة", لجنة من المؤلفين –سلسلة التكوين التربوي ع12 ص7-.
8-Descotes (M) : Lecture methodique, un probléme de representation Français aujourd’hui revue special, lecture methodique , n : 90/1990 P : 34-35
9- مكونات القراء المنهجية للنصوص, المرجعيات, المقاطع, الآليات, تقنيات التنشيط. دار الثقافة للنشر والتوزيع, الدار البيضاء 1998 ص15
10- ظاهرة التلقي في الأدب، محمد علي الكردي، مجلة علامات ي النقد, المجلد 8 عدد 32 النادي الثقافي بجدة ص22-23.
11-ميشال أوتن, سيميولوجية القراءة, ضمن كتاب : نظريات القراءة, من البنيوية إلى جمالية التلقي ص59.
12- فعل القراءة و إشكالية التلقي- محمد خرماش- مجلة علامات ع100 1998 ص53.
13- مكونات القراءة المنهجية للنصوص- مرجع سابق ص16.
14- المرجع نفسه ص10 /17.
15- القراءة المنهجية – مرجع سابق ص 221
16-Instructions Officielles Françaises . Février 1987 cité par Bruno Hongre : 25 Modèles d’explication
de texte et de lecture méthodique , Marabout , Belgique, 1994.P : 63
17- الفرضية في معناها العام هي تخمين مخصوص بالتمحيص فيما بعد سواء عبر ملاحظة مباشرة أم عبر تطابق كل النتائج مع الملاحظة . وهي من جانب آخر المعنى المفترض والمؤقت الناتج عن بناء مؤشرات.
* المؤشر : هو كل علامة تخبر عن شيء مستتر
18- القراءة المتهجية – مرجع سابق ص20
19- المرجع نفسه ص247